صورة وقصة: الرجل الذي وقف في طريق الدبابات

المكان: جمهورية الصين الشعبية - بيكين- ميدان تيانانمن The) Tiananmen Square)
الزمان: 5 يونيو 1989
الحدث: رجل صيني يتحدى قوات الجيش ويقف وحيدا في مواجهة صف من الدبابات المتوجهة شرقاً إلى شارع كانجان ببكين فى ميدان تيانانمن. الرجل الذي كان يدعو بطريقته الخاصة، إلى وقف إراقة الدماء وإنهاء العنف ضد المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية، تم سحبه وإبعاده من طريق الدبابات من قبل بعض المارة المحايدين، واستمرت الدبابات في طريقه لفض الإعتصامات الطلابية في الميدان.

صورة وقصة: الرجل الذي وقف في طريق الدبابات

صورة وقصة: الرجل الذي وقف في طريق الدبابات

شهد ميدان تيانانمن في الفترة ما بين 15 أبريل و4 يونيو 1989، سلسلة من التظاهرات والإعتصامات الحاشدة، والتي أشعل شرارتها الأولى طلاب الجامعات والمثقفين الصينيين، لمطالبة الحكومة بإصلاحات سياسية واقتصادية.
وكان المحرك الرئيس لتلك الاحتجاجات التي انفجرت بين ليلة وضحاها في العام 1989، والعامل المحفز لها، هو وفاة (هو ياوبانج Hu Yaobang) في منتصف أبريل من العام 1989، والذي شغل منصب الأمين العام للحزب الشيوعي منذ 1980، قبل أن يجبره التيار المتشدد في الحزب على تقديم إستقالته في يناير 1987، بسبب سياساته الإنفتاحية، والتي عملت على تحريك مياه السياسة الراكدة في البلاد، وأدت إلى طفرة اقتصادية ملحوظة، إلا أن الأمر لم يكن محل ترحيب لدى متشددي الحزب. يوم وفاته، تحول الرجل في أذهان الصينين إلى شهيد وطني، ضحى بحياته من أجل الحرية، وفي سبيل التحرر من شمولية الحزب الأوحد واستبداد الحكومة.
في 22 من أبريل، يوم جنازة ياوبانج، احتشد عشرات الألاف من الطلاب في ميدان تيانانمن، للمطالبة بالديمقراطية وبالإصلاحات السياسية، وسرعان ما إلتحق عموم المواطنين بتلك الحشود الطلابية في الميدان، بحثا عن حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
في البدء، تريثت الحكومة في ردود أفعالها، فإكتفت بإصدار تحذيرات صارمة للحشود، من دون اتخاذ أي إجراءات صدامية معهم. شهدت تلك الفترة تواجد رئيس الاتحاد السوفيتي ميخايل جورباتشوف في بيكين، في زيارة رسمية إلى الصين، وهو ما استدعى توافد العديد من وسائل الإعلام الأجنبية إلى البلاد، فنالت الاحتجاجات المتصاعدة في بيكين على نصيب الأسد من الاهتمام الاعلامي العالمي، وتركزت الأضواء على ميدان الاعتصام بدلا من قاعات الرئاسة ولقاءات الساسة.
ذلك الاهتمام الاعلامي الكبير الذي سلط أعين العالم على يوميات الاعتصام، ونقل تفاصيله من قلب الحدث، وضع الحكومة الصينية في موفق حرج. فظل الجدل قائما في أروقة الحكومة والحزب الشيوعي حول كيفية التعامل مع الحشود المعتصمة في الميدان، بين المعتدلين الذين يعتقدون بضرورة تقديم التنازلات والتفاوض مع المحتجين، وبين المتشددين الذين يفضلون التعامل بحزم وقوة لفض الاعتصامات. وفي الاخير، مالت الكفة لصالح المتشددين.
في الاسبوع الاخير من شهر مايو، أعلنت الحكومة قانون الطوارئ في بيكين، وخرجت قوات الجيش من ثكناتها لتطوق العاصمة من جميع الجوانب. مع ذلك، بائت محاولات الجيش لإقتحام ميدان تيانانمن بالفشل، بسبب تدفق المواطنين إلى الشوارع، الذين عملوا على صد القوات واعتراض طريقها إلى الميدان.
لكن مع بداية شهر يونيو، كانت الحكومة قد أعدت عدتها هذه المرة لمواجة جديدة وبحزم أكبر. في ليلة الرابع من يونيو، تقدمت الدبابات والمدرعات العسكرية الثقيلة بإتجاه الميدان، ففتحت النار على المحتجين في الشوارع والطرقات، وسحقت تحت جنازرها كل من حاول اعتراض طريقها. وما أن وصلت قوات الجيش بمعداتها الثقيلة إلى الميدان، حتى فضلت الأعداد القليلة من المتظاهرين المتبقين هناك، فضلوا الانسحاب بسلام من الميدان بدلا من خوض معركة محسومة المصير مسبقا.
لم تشرق شمس الخامس من يونيو إلا وقد أحكمت قوات الجيش زمام سيطرتها بشكل كامل على المدينة، وقد خلا الميدان تماما من جميع المعتصمين.. عدا من رجل وحيد، واقف بمفرده، وبتحد كبير، في مواجهة صف من الدبابات على مقربة من الميدان.
بحسب الإحصائات الحكومية الرسمية، فقد لقي 241 شخصا مصرعه خلال تلك الأحداث، بمن فيهم أفراد الجيش، وخلفت ما يقارب من 7000 جريح.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صورة وقصة: المريض الذي عاش سنوات أكثر من طبيبه

صورة وقصة: أول صورة جوية في العالم

صورة وقصة: التفرقة العنصرية vs الحقوق المدنية